الحدث. وهذا أحد الوجوه العشرة التي رد بها المؤلف على من قال إنها لا تدل على الحدث، وهو أقواها إذ هو دليل سمعي ثابت من لسان العرب.
والثاني: أنها أفعال، والفعل يستلزم الدلالة على الحدث والزمان معًا؛ إذ الدال على الحدث وحده مصدر، وعلى الزمان وحده اسم زمان، وهذه ليست مصادر ولا أسماء زمان، فبطل كونها دالة على أحد المعنيين دون الآخر.
الثالث: أن الأصل في كل فعل الدلالة على المعنيين، فالحكم على العوامل المذكورة بما زعم إخراج لها عن الأصل، فلا يقبل إلا بدليل.
الرابع: أنها لو كانت دلالتها مخصوصة بالزمان لجاز أن تنعقد جملة تامة من بعضها ومن اسم معنى، كما تنعقد منه ومن اسم زمان، وفي عدم ذلك دليل على إبطالها هذه الدعوى.
الخامس: أن الأفعال لا تمتاز إلا بالحدث، فهي وإن تساوت في الزمان فقد افترقت بالنسبة إلى الحدث، فإذا زال ما به الافتراق، وبقي ما به التساوي، فلا فرق بين: كان زيد غنيًا، وصار زيد غنيًا، والفرث حاصل، فبطل ما يوجب خلافه، وأيضًا فيلزم تناقض أصبح زيد ظاعنًا، وأمسى مقيمًا، إذ يكون معناه: زيد قبل وقتنا ظاعن مقيم، وإنما يزول التناقض بمراعاة دلالة الفعلين على الإصباح والإمساء.
السادس: أن من جملتها "انفك"، ولابد معها من ناف، فلو كانت لا تدل على الحدث للزم أن يكون معنى ما انفك زيد غنيًا: ما زيد غنيًا في وقت من الأوقات الماضية، وذلك نقيض المراد.