والذي ينبغي أن يخرج عليه كلام س وتقديره إنما هو تفسير المعنى لا تفسير الإعراب؛ لأنه إذا كان تابعا من أتباعه في فرسخين دل على أنه لا يكون تابعه في أكثر منها, فهذا معنى قول س: "ما دمت تسير فرسخين", فإذا كان تفسير معنى بطل رد أحمد بن يحي.

وفي البسيط: هو مني فرسخان, لا يجوز النصب لأنك تريد: بيني وبينه هذه المسافة, فلا عمل فيه إلا أن تريد معنى المصاحبة, أي: هو مصاحبي, كما قاله س.

وقد قيل: إن منه: هو مني عدوة الفرس, ودعوة الرجل, وفوت اليد, ولذلك لم يكن فيه النصب. وأما قولهم: "أنت مني مرأى ومسمع" فرفعوه- وإن لم يكن فيه المعنى المذكور- لأنهم جعلوه كـ "قريب" لكثرة استعماله في هذا المعنى, وقد ينصب لعدمه. "وأما داري خلف دارك فرسخا" فكيف انتصب والمعنى: بين داري ودارك هذا القدر من خلفها, فهو متأول: أما س فجعل الخبر في خلف, ونصب فرسخا على التمييز لاستقلال الكلام, ولأنه مبين للمقدار الذي بينهما.

ونصبه المبرد على الحال؛ لأنه لما قال: "داري خلف دارك" علم أنها تبعد عنه أو تقرب, فلو قال بعيدة أو قريبة لصح على الحال, فجعل فرسخا بمنزلة "بعيدة", ولو قال: "خطوة" لكان حالا كـ "قريبة".

ورد تأويل س بأن التمييز مقدر بـ "من", ولا يصح هنا. ورد بأنه يلزم في قولك: "أفضلهم رجلا" أن يكون تمييزا لأنك لا تقول: "من رجل", فكما يقدر هنا: أفضلهم من الرجال؛ لأن الأول رجل, كذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015