وقوله ويتعين النصب في نحو: أنت مني فرسخين, بمعنى أنت من أشياعي ما سرنا فرسخين إنما تعين النصب على الظرف لأن قوله: "أنت مني" بمعنى: من أشياعي, مبتدأ وخبر, بخلاف قولك: أنت مني فرسخان, وأنت تريد: بعدك مني, فإن "مني" متعلق بذلك المقدر المحذوف, وليس في موضع خبر, وإنما الخبر "فرسخان", فمن رفع فالتقدير: بعد مكانك مني فرسخان, ومن نصب فعلى الظرف, وهو في موضع الخبر, وإذا كان "أنت مني" بمعنى: أنت من أشياعي, فيكون كقوله:} فَمَن تَبِعَنِى فَإنَّهُ مِنّىِ {, وينتصب فرسخين بالخبر الذي يتعلق به مني, أي أنت تابع من أتباعي في فرسخين, أي في سيرنا فرسخين.

وظاهر كلام المصنف أن "فرسخين" منصوب بذلك الذي قدره, وهو: ما سرنا فرسخين, وليس بجيد لأن "ما سرنا" "ما" فيه مصدرية ظرفية, و "سرنا" صلة "ما", و "فرسخين" معمول لصلة "ما", ولا يجوز حذف الموصول والصلة وإبقاء معمولها.

وقال س: "أنت مني فرسخين تقديره: أنت مني ما دمت تسير فرسخين". وهو شبيه بتقدير المصنف, إلا أن س جعل صلة "ما" "دام" الناقصة, وحذف "ما" و "دام" وخبرها, وأبقى/ معمول الخبر, فهو أبعد من تقدير المصنف.

وقد رد أحمد بن يحي على س قوله, فقال: ليس على هذا الإضمار دليل, ولا يدعو إليه اضطرار, ولا ينبغي أن يطالب الإضمار إذا قام الكلام الظاهر بنفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015