اللهم إني ما ذكرت هذا إلا في هذه الساعة وثنى عنان فرسه لينصرف، فقال له ابنه عبد الله: إلى أين؟ قال: أذكرني علي كلاماً قاله له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: كلا ولكنك رأيت سيوف بني هاشم حداداً ويحملها حداداً ويحملها رجال شداد.

قال: ويلك ومثلي يعير بالجبن هلم الرمح، فأخذ الرمح وحمل في أصحاب علي، فقال علي: افرجو للشيخ فإنه محرج، فشق الميمنة والميسرة والقلب ثم رجع وقال لابنه: لا أم لك أبفعل هذا جبان وانصرف.

وقامت الحرب على ساق، وبلغت النفوس إلى التراق، فأفرجت عن ثلاثة وثلاثين ألف قتيل، وقيل عن سبعة عشر ألفاً وفيه اختلاف فيهم.

من الأزد أربعة آلاف، ومن ضبة ألف ومائة وباقيهم من سائر الناس كلهم من أصحاب عائشة.

وقتل فيها من أصحاب علي نحو من ألف رجل وقيل أقل، وقطع على خطام الجمل سبعون يداً من بني ضبة كلما قطعت يد رجل أخذ الزمام آخر وهم ينشدون:

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل ... ننازل الموت إذا الموت نزل

والموت أشهى عندنا من العسل

وكان الجمل للراية إلى أن عقر الجمل، وكانوا قد ألبسوه الأدراع، وقال جملة من أهل العلم: إن الوقعة بالبصرة بينهم كانت على غير عزيمة منهم على الحرب، بل فجأة وعلى سبيل دفع كل واحد من الفريقين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015