سقاهم الموت كأساً غير صافية ... فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا

وروي أن ملك الموت دخل على داود عليه السلام فقال من أنت؟ فقال من لا يهاب الملوك ولاتمنع منه القصور ولا يقبل الرشا، قال: فإذا أنت ملك الموت قال: نعم.

قال: أتيتني ولم أستعد بعد؟ قال يا دواد أين فلان قريبك؟ أين فلان جارك؟ قال: مات، قال أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد.

وقيل: النذير الحمى.

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «الحمى نذير الموت» أي رائد الموت.

قال الأزهري معناه أن الحمى رسول الموت أي كأنها تشعر بقدومه وتنذر بمجيئه وقيل: موت الأهل والأقارب والأصحاب والإخوان، وذلك إنذار الرحيل في كل وقت وأوان وحين وزمان.

قال:

وأراك تحملهم ولست تردهم ... وكأني بك قد حملت فلم ترد

وقيل: كمال العقل الذي تعرف به حقائق الأمور.

ويفصل به بين الحسنات والسيئات، فالعاقل يعمل لآخرته، ويرغب فيما عند ربه، فهو نذير، والنذير بمعنى الإنذار والإعذار قريب يعضه من بعض، وأكبر الإعذار إلى بني آدم بعثه الرسل إليهم ثم الشيب أو غيره كما بينا.

وجعل الستين غاية الإعذار لأن الستين قريب من معترك المنيا وهو سن الإنابة والخشوع والاستسلام لله، وترقب المنية، ولقاء الله ففيه إعذار بعد إعذار، وإنذار بعد إنذار.

الأول: بالنبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: بالشيب وذلك عند كمال الأربعين، قال الله تعالى: {وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك} فذكر عز وجل: أن من بلغ الأربعين فقط أن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه وعلى والديه ويشكرها.

قال مالك رحمه الله: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015