تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، ما سمع بهذا ولا علم به ـ الحمد لله ـ وإنما تكون لمن كان له فساد في العقل، أو إصرار على الكبائر، وإقدام على العظائم.
فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة، فيصطلمه الشيطان عند تلك الصدمة، ويختطفه عند تلك الدهشة، والعياذ بالله، ثم العياذ بالله، أو يكون ممن كان مستقيماً، ثم يتغير عن حاله ويخرج عن سننه، ويأخذ في طريقه، فيكون ذلك سبباً لسوء خاتمه وشؤم عاقبته، كإبليس الذي عبد الله فيما يروى ثمانين ألف سنة، وبلعام بن باعوراء الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها بخلوده إلى الأرض، واتباع هواه، وبرصيصا العابد الذي قال الله في حقه {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر} .
ويروى: أنه كان بمصر رجل ملتزم مسجداً للأذان والصلاة، وعليه بهاء العبادة وأنوار الطاعة، فرقي يوماً المنارة على عادته للأذان، وكان تحت المنارة دار لنصراني ذمي، فاطلع فيها فرأى ابنة صاحب الدار، فافتتن بها وترك الأذان، ونزل إليها ودخل الدار فقالت له: ما شأنك ما تريد؟ فقال: أنت أريد.
قالت: لماذا؟ قال لها: قد سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي.
قالت: لا أجيبك إلى ريبة.
قال لها: أتزوجك.
قالت له: أنت مسلم وأنا نصرانية وأبي لا يزوجني منك قال لها: أتنصر.
قالت: إن فعلت أفعل.