وتقول العرب: ثل عرش فلان، إذا ذهب عزه وسلطانه وملكه، فالمعنى وينساهم الرحمن على عرشه، أي: بما هو عليه من الملك والسلطان والعظمة والجلال، لا يعبأ بهم ولا يلتفت إليهم لما حكم به في الأزل عليهم من خلودهم في النار، ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط.

وأجمع أهل السنة على أن أهل النار مخلدون فيها غير خارجين منها: كإبليس، وفرعون، وهامان، وقارون، وكل من كفر وتكبر وطغى، فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا.

وقد وعدهم الله عذاباً أليماً، فقال عز وجل {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب} .

وأجمع أهل السنة أيضاً على أنه لا يبقى فيها مؤمن ولا يخلد إلا كافر جاحد، فاعلم.

قلت: وقد زل هنا بعض من ينتمي إلى العلم والعلماء فقال: إنه يخرج النار كل كافر ومبطل وجاحد ويدخل الجنة، فإنه جائز في العقل أن تنقطع صفة الغضب فيعكس عليه فيقال: وكذلك جائز في العقل أن تنقطع صفة الرحمة فيلزم عليه أن يدخل الأنبياء والأولياء النار يعذلون فيها، وهذا فاسد مردود بوعده الحق وقوله الصدق، قال الله تعالى في حق أهل الجنان: {عطاء غير مجذوذ} أي: غير مقطوع، وقال {وما هم منها بمخرجين} وقال: {لهم أجر غير ممنون} وقال: {لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبدا} وقال في حق الكافرين {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} وقال: {فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون} وهذا واضح، وبالجملة فلا مدخل للمعقول فيما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015