بذلك، فيتضرعون إلى الله عز وجل أن يمحو عنهم تلك السمة فيمحوها الله تعالى عنهم، فلا يعرفون بها بعد ذلك أبداً.
وذكر أبو نعيم الحافظ عن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار وكل شيطان وكل من يخاف الناس شره في الدنيا، فيوثقون بالحديد، ثم أمر بهم إلى النار، ثم أوصدها عليهم، أي أطبقها، فلا والله لا تستقر أقدامهم على قرارها أبداً، لا والله ما ينظرون إلى أديم سماء أبداً: ولا والله لا تلتقي جفونهم على غمض نوم، ولا والله لا يذوقون فيها بارد شراب أبداً.
قال: ثم يقال لأهل الجنة: يا أهل الجنة افتحوا اليوم الأبواب، فلا تخافوا شيطاناً، ولا جباراً، وكلوا اليوم واشربوا بما أسلفتم في الأيام الخالية، قال أبو عمران: إذاً هي والله يا إخوتاه أيامكم هذه.
فصل: قوله: فيرش عليهم من الماء فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل.
وجاء في حديث أبي سعيد الخدري المتقدم، ثم يقال: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم من الماء، والمعنى واحد.
والنبات معروف وهو خروج الشيء: والحبة بكسر الحاء بذور البقول، وحميل السيل: ما احتمله من طين وغشاء، فإذا اتفق أن يكون فيه حبة فإنها تنبت في يوم وليلة، وهي أسرع نابتة نباتاً، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم سرعة نبات أجسادهم بسرعة نبات تلك الحبة، وفي التنزيل: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة} وتقدم الكلام في نحو ذلك الاسم.
وقوله: وأطولهم مكثاً من يمكث فيها مثل الدنيا منذ خلقت إلى