فصل: قال بعض السادة: أشد الناس حسرة يوم القيامة ثلاثة: رجل ملك عبداً فعلمه شرائع الإسلام، فأطاع وأحسن وعصى السيد، فإذا كان يوم القيامة أمر بالعبد إلى الجنة، وأمر بسيده إلى النار، فيقول عند ذلك: واحسرتاه! وأغبناه! أما هذا عبدي؟ أما كنت مالكاً لمهجته وماله؟ وقادراً على جميع ماله؟ فما له سعد، وما لي شقيت؟ فيناديه الملك الموكل به: لأنه تأدب، وما تأدبت، وأحسن، وأسأت ورجل كسب مالاً فعصى الله تعالى في جمعه ومنعه ولم يقدمه بين يديه حتى صار إلى وارثه، فأحسن في إنفاقه وأطاع الله سبحانه في إخراجه، وقدمه بين يديه، فإذا كان يوم القيامة أمر بالوارث إلى الجنة، وأمر بصاحب المال إلى النار، فيقول: وحسرتاه! واغبناه! أما هذا ما لي فما أحسنت به أحوالي وأعمالي..
فيناديه الملك الموكل به: لأنه أطاع الله، وما أطعت، وأنفق لوجهه وما أنفقت، فسعد وشقيت.
ورجل على قوماً ووعظهم فعملوا بقوله ولم يعمل، فإذا كان يوم القيامة أمر بهم إلى الجنة، وأمر به إلى النار، فيقول: واحسرتاه! واغبناه! أما هذا علمي؟ فما لهم فازوا به وما فزت؟ وسلموا به وما سلمت؟ فيناديه الملك الموكل به: لأنهم عملوا بما قلت، وما عملت، فسعدوا وشقيت.
ذكره أبو الفرج بن الجوزي.
فصل: قال إبراهيم النخعي رضي الله عنه: إني لأكره القصص لثلاث آيات: قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} وقوله تعالى {لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وقوله تعالى: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} .
قلت: وألفاط هذه الأبيات تدل على ما ذكرناه من الأحاديث على أن عقوبة من كان عالماً بالمعروف وبالمنكر، وبوجوب القيام بوظيفة كل واحد منهما أشد ممن لم يعلمه، وإنما كان كذلك لأنه كالمستهين بحرمات الله،