فصل: هذا الباب يدلك على أن كفر من كفر فقط، ليس ككفر من طغى وكفر وتمرد وعصى، ولا شك في أن الكفار في عذاب جهنم متفاوتون كما قد علم من الكتاب والسنة، ولأنا نعلم على القطع والثبات أنه ليس عذاب من قتل الأنبياء والمسلمين وفتك فيهم وأفسد في الأرض وكفر مساوياً لعذاب من كفر فقط وأحسن للأنبياء والمسلمين.
ألا ترى أبا طالب كيف أخرجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ضحضاح لنصرته إياه، وذبه عنه وإحسانه إليه؟ وحديث مسلم عن سمرة يصح أن يكون في الكفار بدليل حديث أبي طالب، ويصح أن يكون فيمن يعذب من الموحدين.
إلا أن الله تعالى بميتهم إماتة حسب ما تقدم بيانه.
وفي خبر كعب الأحبار: يا مالك، مر النار لا تحرق ألسنتهم فقد كانوا يقرأون القرآن، يا مالك قل للنار تأخذهم على قدر أعمالهم، فالنار أعرف بهم وبمفدار استحقاقهم من الوالدة بولدها، فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه النار إلى سرته، ومنهم من تأخذه إلى صدره، وذكر الحديث وسيأتي بكماله إن شاء الله تعالى.
وذكر القتبي في عيون الأخبار له مرفوعاً «عن أبي هريرة أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا قضى بين خلقه وزادت حسنات العبد دخل الجنة، وإن استوت حسناته وسيئاته حبس على الصراط أربعين سنة، ثم بعد ذلك يدخل الجنة، وإن زادت سيئاته على حسناته دخل النار من باب التوحيد،