تسجر جهنم، ولذلك أمر الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم، فقال جل من قائل: {يوم لا يخزي الله النبي} الآية.
قال الحافظ أبو الخطاب: والحكمة في ذلك أن يفرغ إلى شفاعة أمته ولو لم يؤمنه لكان مشغولاً بنفسه كغيره من الأنبياء.
الفائدة الخامسة: أن سائر الأنبياء لم يروا قبل يوم القيامة شيئاً منها، فإذا رأوها جزعوا وكفت ألسنتهم عن الخطيئة والشفاعة من هولها وشغلهم أنفسهم عن أممهم، وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد رأى جميع ذلك فلا يفزع منه مثل ما فزغوا ليقدر على الخطبة، وهو المقام المحمود الذي وعده به ربه تبارك وتعالى في القرآن المجيد وثبت في صحيح السنة.
الفائدة السادسة: فيه دليل فقهي على أن الجنة والنار قد خلقتا خلافاً للمعتزلة المنكرين لخلقها، وهو يجزي على ظاهر القرآن في قوله تعالى: {أعدت للمتقين} {أعدت للكافرين} والاعداد دليل الخلق والإيجاد.
الفائدة السابعة: ويحتمل أنه أراه إياها ليعلم خسة الدنيا في جنب ما أراه، فيكون في الدنيا أزهد وعلى شدائدها أصبر، حتى يؤديه إلى الجنة فقد قيل: حبذا محنة تؤدي بصاحبها إلى الرخاء، وبؤساً لنعمة تردي بصاحبها إلى البلاء.
الفائدة الثامنة: ويحتمل أن الله تعالى أراد ألا يكون لأحد كرامة إلا يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم مثلها، ولما كان لإدريس عليه السلام كرامة الدخول إلى الجنة قبل يوم القيامة أراد الله تعالى أن يكون ذلك لصفه ونجيه وحبيبه وأمينه على وحيه محمد صلى الله عليه وسلم وكرم وعظم وبجل ووقر، قال ذلك جميعه الحافظ بن دحية رضي الله عنه في كتاب الابتهاج في أحاديث المعراج.
روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال: «حدثنا أنس بن مالك قال: نزل