فكم من شيخ وضع يده على لحيته ويقول: وا شيبتاه وا طول حسرتاه وا ضعف قوتاه، وكم من كهل ينادي وا مصيبتاه وأطول مقاماه.
وكم من شاب ينادي وا أسفاه وا شباباه على تغيير حسناه، وكم من امرأة قد قبضت على ناصيتها وشعرها وهي تنادي وا سوأتاه واهتك أستارها، فيبكون ألف عام، فإذا النداء من قبل الله: يا مالك أدخلهم النار في أول باب منها، فإذا همت النار أن تأخذهم فيقولون بجمعهم: لا إله إلا الله فتنفر عنهم النار خمسمائة عام، ثم يأخذون في البكاء فتشتد أصواتهم، وإذا النداء من قبل الله تعالى: يا نار خذيهم، يا مالك أدخلهم الباب الأول من النار، فعند ذلك يسمع لها صلصلة كالرعد القاصف، فإذا همت النار أن تحرق القلوب زجرها مالك وجعل يقول: لا تحرقي قلباً فيه القرآن، وكان وعاء الإيمان، فإذا بالزبانية قد جاءوا بالحميم ليصبوه في بطونهم فيزجرهم مالك، فبقول: لا تدخلوا الحميم بطوناً أخمصها رمضان، ولا تحرق النار جباهاً سجدت لله تعالى، فيعودون فيها حمماً كالغاسق المحلو لك والإيمان يتلألأ في القلوب.
وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر أبواب النار، نجانا الله منها ولا يجعلنا ممن يدخلها فيحترق فيها.