إن كل صاحب عمل في الدنيا قد أصاب في عمله، وكل صاحب تجارة وصانع قد أصاب في تجارته غير صاحبي هذا قد شغل في نفسه فيقول الله تعالى: فما تسأل؟ فيقول المغفرة والرحمة أو نحو هذا فيقول: فإني قد غفرت له، ثم يكسى حلة الكرامة ويجعل عليه تاج الوقار فيه لؤلؤة تضيء من مسيرة يومين ثم يقول: يا رب إن أبويه قد شغل عنهما وكل صاحب عمل وتجارة قد كان يدخل على أبويه من عمله فيعطى أبويه مثل ما أعطى.
ويتمثل للكافر عمله في أقبح ما يكون صورة وأنتن رائحة ويجلس إلى جنبه كلما أفزعه شيء زاده، وكلما تخوف شيئاً زاده خوفاً منه، فيقول: بئس الصاحب أنت ومن أنت؟ فيقول: أما تعرفني؟ فيقول: لا.
فيقول: أنا عملك كان قبيحاً فلذلك تراني قبيحاً وكان منتناً، فلذلك تراني منتناً فطأطئ رأسك أركبك فطالما ركبتني في الدنيا فذلك قوله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة} .
قلت: مثل هذا لا يقاب من جهة الرأي، ومعناه يستند «من حديث قيس بن عاصم المنقري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه لا بد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريماً أكرمك وإن كان لئيماً أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك ولا تبعث إلا معه ولا تسأل إلا عنه، فلا تجعله إلا صالحاً فإن كان صالحاً فلا تأنس إلا به، وإن كان فاحشاً فلا تستوحش إلا منه وهو فعلك» .
وذكر أبو الفرج بن الجوزي في كتاب روضة المشتاق، والطريق إلى الملك الخلاق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى يوم القيامة بالتوبة في صورة حسنة ورائحة طيبة فلا يجد رائحتها ولا يرى صورتها إلا مؤمن فيجدون لها رائحة وأنساً،