فصل: ذهب بعض من تكلم على أحاديث هذا الباب في وصف الصراط بأنه أدق من الشعر وأحد من السيف أن ذلك راجع إلى يسره وعسره على قدر الطاعات والمعاصي.

ولا يعلم حدود ذلك إلا الله تعالى لخفائها وغموضها.

وقد جرت العادة بتسمية الغامض الخفي: دقيق.

فضرب المثل له بدقة الشعر.

فهذا والله أعلم من هذا الباب.

ومعنى قوله: «وأحد من السيف» : أن الأمر الدقيق الذي يصعد من عند الله تعالى إلى الملائكة في إجازة الناي على الصراط يكون في نفاذ حد السيف ومضيه إسراعاً منهم إلى طاعته وامتثاله.

ولا يكون له مرد كما أن السيف إذا نفذ بحدة وقوة ضاربة في شيء لم يكن له بعد ذلك مرد.

وإما أن يقال: إن الصراط نفسه أحد من السيف وأدق من الشعر، فذلك مدفوع بما وصف من أن الملائكة يقومون بجنبيه وأن فيه كلاليب وحسكاً أي أن من يمر عليك يقع على بطنه، ومنهم من يزل ثم يقوم.

وفيه أن من الذين يمرون عليه من يعطى النور بقدر موضع قدميه.

وفي ذلك إشارة إلى أن للمارين عليه موطئ الأقدام ومعلوم أن رقة الشعر لا يحتمل هذا كله.

وقال بعض الحفاظ: إن هذه اللفظة ليست ثابتة.

قال المؤلف: ما ذكره القاتل مردود بما ذكرنا من الأخبار، وأن الإيمان يجب بذلك.

وأن القادر على إمساك الطير في الهواء قادر على أن يمسك عليه المؤمن فيجزيه أو يمشيه ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا عند الاستحالة ولا استحالة في ذلك، للآثار الواردة في ذلك وثباتها بثقل الأئمة العدول {ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور} .

؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015