فأبادر من شدة إشفاقي عليهم وجبريل آخد بحجزتي، فأنادي رافعاً صوتي رب أمتي أمتي لا أسألك اليوم نفسي، ولا فاطمة ابنتي والملائكة قيام عن يمين الصراط ويساره ينادون: رب سلم سلم.
وقد عظمت الأهوال واشتدت الأوجال، والعصاة يتساقطون عن اليمين والشمال والزبانية يتلقونهم بالسلاسل والأغلال وينادونهم: أما نهيتم عن كسب الأوزار؟ أما خوفتم عذاب النار؟ أما أنذرتم كل الإنذار، أما جاءكم النبي المختار؟» ذكره أبو الفرج بن الجوزي أيضاً في كتاب روضة المشتاق والطريق إلى الملك الخلاق.
فتفكر الآن فيما يحل بك من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته، ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته، ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها، وقد كلفت أن تمشي على الصراط مع ضعف حالك، واضطراب قلبك، وتزلزل قدمك وثقل ظهرك بالأوزار، المنعة لك من المشي على بساط الأرض، فضلاً عن حدة الصراط.
فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك فأحسست بحدته، واضطررت إلى أن ترفع القدم الثاني، والخلائق بين يديك يزلون ويعثرون، وتتناولهم زبانية النار بالخطاطيف والكلاليب، وأنت إليهم كيف ينكسون فتسفل إلى جهة النار رؤوسهم، وتعلو أرجلهم فيا له من منظر ما أفظعه، ومرتقى ما أصبعه، ومجاز ما أضيقه.