وأما الكافر، فإنه يوضع كفره في الكفة المظلمة ولا يوجد له حسنة توضع في الكفة الأخرى، فتبقى فارغة لفراغها وخلوها عن الخير، فيأمر الله بهم إلى النار ويعذب كل واحد منهم بقدر أوزاره وآثامه.
وأما المتقون، فإن صغائرهم تكفر باجتنابهم الكبائر ويؤمر بهم إلى الجنة ويثاب كل واحد منهم بقدر حسناته وطاعته، فهذان الصنفان هما المذكوران في القرآن في آيات الوزن، لأن الله تعالى لم يذكر إلا من ثقلت موازينه ومن خفت موازينه، وقطع لمن ثقلت موازينه بالإفلاح والعيشة الراضية ولمن خفت موازينه بالخلود في النار بعد أن وصفه بالكفر، وبقي الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فبينهم النبي صلى الله عليه وسلم حسب ما ذكرناه.
وإنما توزن أعمال المؤمن المتقي لإظهار فضله، كما توزن أعمال الكافر لخزيه وذله، فإن أعماله توزن تبكيتاً له على فراغه وخلوه عن كل خير، فكذلك توزن أعمال المتقي تحسيناً لحاله وإشارة لخلوه من كل شر وتزييناً لأمره على رؤوس الأشهاد.
وأما المخلط السيء بالصالح فإن دخل النار فيخرج بالشفاعة على ما يأتي.
فصل: فإن قيل: أخبر الله عن الناس أنهم محاسبون مجزيون، وأخبر أنه يملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين، ولم يخبر عن ثواب الجن ولا عن حسابهم بشيء.
فما القول في ذلك عندكم وهل توزن أعمالهم؟ .
فالجواب: أنه قد قيل إن الله تعالى لما قال {والذين آمنوا وعملوا