والوجه الآخر: أن الكافر يكون منه صلة الأرحام ومؤاساة الناس وعتق المملوك ونحوهما مما لو كانت من المسلم لكانت قربة وطاعة، فمن كان له مثل هذه الخيرات من الكفار فإنها تجمع وتوضع في ميزانه، غير أن الكفر إذا قابلها رجح بها ولم يخل من أن يكون الجانب الذي فيه الخيرات من ميزانه خفيفاً ولو لم يكن له إلا خيراً واحد أو حسنة واحدة لأحضرت ووزنت كما ذكرنا.

فإن قيل: لو احتسبت خيراته حتى يوزن لجوزي بها جزاء مثلها وليس له منها جزاء، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن عبد الله ابن جدعان وقيل له: إنه كان يقري الضيف ويصل الرحم ويعين في النوائب، فهل ينفعه ذلك؟ فقال: «لا لأنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» وسأله عدي بن حاتم عن أبيه مثل ذلك، فقال: «إن أباك طلب أمراً فأدركه» يعني الذكر فدل أن الخيرات من الكافر ليست بخيرات وأن وجودها وعدمها بمنزلة واحدة سواء.

والجواب: أن الله تعالى قال {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً} ولم يفصل بين نفس ونفس، فخيرات الكافر توزن ويجزى بها، إلا أن الله تعالى حرم عليه الجنة فجزاؤه أن يخفف عند بدليل حديث أبي طالب فإنه قيل له: يا رسول الله إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك؟ فقال «نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح ولولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015