وقيل: ما خطر بقلبه ما لم يكن في وسعه ويدخل تحت كسبه، ويثبت في نفسه وإن لم يعلمه، وهذا اختيار الطبري والنحاس وغير واحد من العلماء جعلوا الحديث مفسراً لقوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} فتكون الآية على هذا محكمة غير منسوخة والله أعلم.
وقد بينا في كتاب جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة، وآي القرأن والحمد لله.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: ما ستر الله على عبد في الدنيا إلا ستر الله عليه في الآخرة، وهذا مأخوذ من حديث النجوى، ومن قوله عليه السلام: «يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة» خرجه مسلم.
وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة] ، وروى [من ستر على مسلم عورته، ستر الله عورته يوم القيامة] ، قال أبو حامد: فهذا إنما يرجوه عبد مؤمن ستر على الناس عيوبهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم.
ولم يحرك لسانه بذكر مساوئ الناس ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهون لو سمعوه، فهذا جدير بأن يجازى بمثله في القيامة.
فصل: وفي قوله: [سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم] نص منه تعالى على صحة قول أهل السنة في ترك إنفاذ الوعيد على العصاة من المؤمنين، والعرب تفتخر بخلف الوعيد حتى قال قائلهم:
ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا أختشى من روعة المتهدد
وإني متى أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي