أحزنني واطلعت من حاله على ما آلمني؟ .
قال الحارث: فلما سمعن كلامي كشفن وجوههن وقلن: أيها العبد الصالح.
وما الذي رأيت؟ قلت لهن: لي ثلاثة أيام وأنا أختلف إلى هذا القبر أسمع صوت المقمعة والسلسلة فيه، قال: فلما سمعن ذلك مني قلن لي: بشارة ما أضرها ومصيبة ما أحزنها، نحن نفضي الأوطار ونعمر الديار وأبونا يحرق بالنار، فو الله لا قر بنا قرار ولا ضمتنا للذة العيش دار أو نتضرع للجبار فلعله أن يعتق أبانا وينقذه من النار.
ثم مضين يتعثرن في أذيالهن.
قال الحارث: فمضيت إلى داري فبت ليلتي، فلما أصبحت أتيت القبر فجلست عنده فغلبني النوم فنمت، فإذا أنا بصاحب القبر له حسن وجمال وفي رجليه نعل من ذهب ومعه حور وغلمان.
قال الحارث: فسلمت عليه وقلت له: رحمك الله من أنت؟ قال: أنا الرجل الذي عاينت من أمري ما أحزنك واطلعت منه على ما أفجعك فجزاك الله خيراً فما أيمن طلعتك علي فقلت له: وكيف حالك؟ فقال لي: لما اطلعت علي وأخبرت بناتي بالأمس بحالي أعرين أبدانهن وأسبلن شعورهن وتضرعن لمولاهن، ومرغن خدودهن في التراب، وأهملن دموعهن بالانسكاب، واستوهبوني من العزيز الوهاب، فغفر لي الذنوب