قد روى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق إلى يوم القيامة قال: فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعالى صل بنا فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء لكرامة الله لهذه الأمة» خرجه مسلم في صحيحه وغيره.
فعيسى عليه السلام إنما ينزل مقرراً لهذه الشريعة ومجدداً لها إذ هي آخر الشرائع، ومحمد صلى الله عليه وسلم آخر الرسل فينزل حكماً مقسطاً وإذا صار حكماً فإنه سلطان يومئذ للمسلمين ولاإمام ولاقاضي ولامفتي قد قبض الله تعالى وخلا الناس منه، فينزل وقد علم بأمر الله تعالى له في السماء قبل أن ينزل ما يحتاج إليه من علم هذه الشريعة للحكم به بين الناس والعمل به في نفسه، فيجتمع المؤمنون عند ذلك إليه ويحكمونه على أنفسهم إذ لا أحد يصلح لذلك غيره، ولأن تعطيل الحكم غير جائز.
وأيضاً فإن بقاء الدنيا إنما يكون بمقتضى التكليف إلى أن لا يقال في الأرض الله الله على ما يأتي، وهذا واضح.
فصل
فإن قيل: فما الحكمة في نزوله في ذلك الوقت دون غيره؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: يحتمل أن يكون ذلك لأن اليهود همت بقتله وصلبه وجرى أمرهم معه على ما بينه الله تعالى في كتابه وهم