فقال: الجمع بين الروايتين عندي صحيح وهو أن كل واحدة منهما عوراء من وجه ما إذ العور حقيقة في كل شيء العيب والكلمة.

العوراء هي المعيبة فالواحدة عوراء بالحقيقة وهي التي وصفت بالحديث بأنها ليست بحجراء ولا ناتئة وممسوحة ومطموسة وطافية على رواية الهمز، والأخرى عوراء لعيبها اللازم لها لكونها جاحظة أو كأنها كوكب دري أو كأنها عنبة طافية بغير همز، وكل واحدة منهما يصح فيه الوصف بالعور بحقيقة العرف والاستعمال أو بمعنى العور الأصلي.

قال شيخنا وحاصل كلامه: أن كل واحدة من عيني الدجال عوراء أحدهما بما أصاب حتى ذهب إدراكها، والثانية عوراء بأصل خلقتها معيبة، لكن يبعد هذا التأويل أن كل واحدة من عينيه قد جاء وصفها في الرواية بمثل ما وصفت به الأخرى من العور، فتأمله.

قلت: ما قاله القاضي عياض وتأويله صحيح، وأن العور في العينين مختلف كما بيناه في الروايات، فإن قوله: كأنها لم تخلق هو معنى الرواية الأخرى مطموس العين ممسوخها ليست بناتئة ولا حجراء، ووصف الأخرى بالمزج بالدم وذلك عيب عظيم لا سيما مع وصفها بالظفرة الغليظة التي هي عليها وهي جلدة غليظة تغشى العين.

وعلى هذا فقد يكون العور في العينين سواء، لأن الظفرة مع غلظها تمنع من الإدراك فلا تبصر شيئاً فيكون الدجال على هذا أعمى أو قريباً منه، إلا أنه جاء ذكر الظفرة في العين اليمنى في حديث سفينة وفي الشمال في حديث سمرة بن جندب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015