وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية عائذ بن عمرو وكان ممن بايع تحت الشجرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن شر الرعاة الحطمة» والرعاة في اللغة جمع راع، وضرب رسول الله بهذا مثلاً لوالي السوء، لأن الحطمة هو الذي يعنف بالإبل في السوق والإيراد والإصدار، فيحطمها أي يكسرها ولا يكاد يسلم من فساده شيء وسواق حطم كذلك يعنف في سوقه.

وقوله: حتى تخرج نار من أرض الحجاز، فقد خرجت نار عظمة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة، وذلك ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة إلى ضحى النهار يوم الجمعة، فسكنت وظهرت النار بقرطبة عند قاع التنعيم بطرف الحرة يحيط بها قرى في صورة البلد العظيم كأعظم ما يكون البلدان.

عليها سور يحيط بها عليه شرافات كشرافات الحصون وأبراج ومآذن ويرى رجال يقودونها لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد، يأخذ الصخور والجبال بين يديه، وينتهي إلى البحرة محط الركب العراقي، فأجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم وانتهت النار إلى قرب المدينة، وكان يلي المدينة ببركة النبي صلى الله عليه وسلم نسيم بارد ويشاهد من هذه النار غليان كغليان البحر، وانتهت إلى قرية من قرى اليمن فأحرقتها.

قال لي بعض أصحابنا: ولقد رأيتها صاعدة في الهواء من جحر مسيرة خمسة أيام من المدينة.

قلت: وسمعت أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى من بعد هذه النار أخرى أرضية بحرم المدينة أحرقت جميع الحرم، حتى إنها أذابت الرصاص التي عليها العمد، فوقعت ولم يبق غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015