أبي هريرة رضي الله عنه ومثل هذا كثير وهو خلاف ما تقدم، وإذا كان هذا فظاهره التعارض وليس كذلك، فإن الحض على سكناها ربما كان عند فتح الأمصار ووجود الخيرات بها، كما جاء في حديث «سفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تفتح اليمن فيأتي قوم يعيشون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم تفتح الشام فيأتي قوم يعيشون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعملون، ثم تفتح العراق فيأتي قوم يعيشون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» رواه الأئمة واللفظ لمسلم فحض صلى الله عليه وسلم على سكناها حين أخبر بانتقال الناس عنها عند فتح الأمصار، لأنها مستقر الوحي وفيها مجاورته، ففي حياته صحبته ورؤية وجهه الكريم وبعد وفاته مجاورة حدثه الشريف ومشاهدة آثاره العظيمة، ولهذا قال: «لا يصبر أحد على لأوائها وشدتها إلا كنت شفيعاً أو شهيداً له يوم القيامة» .
وقال: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن مات بها ثم إذاتغيرت الأحوال واعتورتها الفتن والأهوال كان الخروج منها غير قادح والانتقال منها حسناً غير قادح» .