نتفانى؟ هلمّوا إلى الصّلح ولكم عهد الله وذمة آبائنا أن لا نهيجكم أبدا، ولا نزاحمكم في هذا الماء؛ فأجابتهم بنو مفروق إلى ذلك، فلما اطمأنوا ووضعوا السلاح عدا عليهم بنو جهم فنالوا منهم منالا عظيما، وقتلوا جماعة من أشرافهم، فقال أبيّ بن ظفر المحاربي في ذلك: [من البسيط]
هلا غدرتم بمفروق وأسرته ... والبيض مصلتة والحرب تستعر
لما اطمأنوا وشاموا من سيوفهم ... ثرتم إليهم وغبّ الغدر مشتهر
غررتموهم بأيمان موكّدة ... والورد من بعده للغادر الصّدر
«64» - تزوج عبد الرحمن بن سهيل بن عمرو أمّ هشام بنت عبد الله بن عمر ابن الخطاب، وكانت من أجمل نساء قريش، وكان يجد بها وجدا شديدا.
فمرض مرضته التي هلك فيها، فجعل يديم النظر إليها وهي عند رأسه، فقالت له: إنك تنظر إليّ نظر رجل له حاجة، قال: اي والله، إنّ لي إليك حاجة لو ظفرت بها لهان عليّ ما أنا فيه، قالت: وما هي؟ قال: أخاف أن تتزوجي بعدي، قالت: فما يرضيك من ذلك؟ قال: أن توثّقي لي بالأيمان المغلّظة، فحلفت له بكلّ يمين سكنت إليها نفسه، ثم هلك. فلما انقضت [1] عدّتها خطبها عمر بن عبد العزيز، وهو أمير المدينة، فأرسلت إليه: ما أراك إلّا وقد بلغتك يميني، فأرسل إليها: لك مكان كلّ عبد وأمة عبدان وأمتان، ومكان كلّ علق علقان، ومكان كلّ شيء ضعفه، فتزوّجته فدخل عليها بطّال بالمدينة، وقيل بل كان رجلا من مشيخة قريش مغفّلا، فلما رآها مع عمر جالسة قال: [من الطويل]