ذلك لهم، فقال: وكيف وقد نهبوا مالي وذهبوا بخزائني؟ فقلت له: أنفقوه في المكارم، وأصيب لهم من الجوهر ما لا يشبه أمثالهم، قال لي: فما يقول الناس فينا؟ فقلت: الله الله في أمري، فقال: ما لك؟ قلت: الصدق يغضبك، وكان استحلفني ورشيدا والحسين الخادمين أن نصدقه عن كلّ شيء يسألنا عنه، فخفت أن أصدقه فلا يعجبه، لأني كنت قد صدقته عن شيء من أمر الحرم فغضب وحجبني أربعين يوما، فأذكرته بذلك فقال: كان ذلك مني غلطة ولن أعود لمثلها. فقلت له: يقول الناس لم تف لهم، وانك طمعت في أموالهم، قال:

فأيّ شيء حصلت منها؟ قلت: ضياعهم هي مال، فقال: البس سيفك وأحضرني يحيى بن خالد فأقمه وراء الستر، فقلت في نفسي: إنا لله وإنّا إليه راجعون، ماذا صنعت؟ قتلت ابنه وأقتله؟ ثم أحضرت يحيى، فلما خرج الرشيد من الخلاء قال لي: اخرج إليه فقل له ما حملك على أن حملت إلى يحيى بن عبد الله بالديلم مائتي ألف دينار؟ فقلت له ذاك، فقال: أليس قد صفحت عن هذا؟ فقال لي: أو يصفح الإنسان عن دمه؟ فقلت له ذاك، فقال: أردت أن تقوى شوكة يحيى بن عبد الله فيظفر به الفضل بعد قوّته فيكون أحظى له عندك، قال فقلت له: فما كان يؤمّنك أن يقوى فيقتل الفضل ويقتلني؟ وما حملك على أن حملت إلى أحمد بن عيسى بن زيد بالبصرة مع غلامك رباح سبعين ألف دينار؟ فقلت له ذاك، فقال، قل له: أفليس قد صفحت عن ذلك؟ فقال:

أو يصفح الإنسان عن دمه؟ ثم قال: قل له: أنت تعلم موقع عيالي منّي، وطلبت منك وأنا بالبصرة ألف ألف درهم فقلت لي: إن أخذت منها درهما واحدا لهذا الشأن ذهبت هيبتك، فأمسكت، فأخذت أنت منها ألف ألف وخمسماية ألف ففرّقتها في عيالك، واحتلت أنا بقرض تولّاه يونس ما فرّقته فيهم، ثم قال لي:

قل له كذا وقل له كذا حتى عدّ أربعة عشر شيئا، ثم أمرني بردّه إلى محبسه وقال:

يا مسرور، يقول الناس إني ما وفيت؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما أحبّ أن تستجهلني فقال: وكيف؟ قلت: كيف لك بأن يعلم الناس كعلمي، لبودّي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015