كالحلقة المفرغة لا يعرف طرفها [1] ، قال: فكيف جماعة الناس؟ قال: على أحسن حال، أدركوا ما رجوا وأمنوا ما خافوا، أرضاهم العدل، وأغناهم النّفل [2] ، قال: فكيف رضاهم بالمهلب؟ قال: أحسن رضى، وكيف لا يكونون [3] كذلك وهم لا يعدمون منه إشفاق [4] الوالد ولا يعدم منهم برّ الأولاد؟
قال: فكيف فاتكم قطريّ؟ قال: كادنا ببعض ما كدناه، فتحوّل عن منزله، قال: فهلّا اتبعتموه؟ قال: حال الليل بيننا وبينه، وكان التحرز إلى أن يقع العيان ويعلم امرؤ ما يصنع أحزم، وكان الجدّ عندنا آثر من النّفل [5] .
«1151» - قيل لعنترة: أأنت أشجع العرب وأشدّها؟ قال: لا، قيل له: فبم شاع لك هذا في الناس؟ قال: كنت أقدم اذا رأيت الإقدام عزما، وأحجم إذا رأيت الأحجام حزما، ولا أدخل موضعا لا أرى فيه مخرجا لي، وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطير لها قلب الشجاع فأنثني عليه فأقتله.
«1152» - لقي تأبط شرا ذات يوم رجلا من ثقيف يقال له أبو وهب، وكان جبانا [6] أهوج، وعليه حلّة جيّده، فقال أبو وهب لتأبط شرا: بم تغلب الرجال يا ثابت، وأنت كما أرى دميم ضئيل؟ قال: باسمي، إنما أقول ساعة ألقى الرجل: أنا تأبط شرا فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت، فقال له الثقفي: فهل لك أن تبيعني اسمك؟ قال: نعم، فبم تبتاعه؟ قال: بهذه