ما الاستغفار؟ إنّ الاستغفار درجة العليّين «1» ، وهو اسم واقع على ستة معان «2» : أولها الندم على ما فعل «3» ، والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا، والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقّها، والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السّحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم زائد «4» ، والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية.
[165]- وقال عليه السلام: الزهد كلّه بين كلمتين من القرآن، قال الله تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ
(الحديد: 23) ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.
[166]- ومن كلام له لما قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيها الناس شقّوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرّجوا عن طريق المناظرة «5» ، وضعوا «6» تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح؛ ماء آجن ولقمة يغصّ بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه، فإن أقل يقولوا:
حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا «7» : جزع من الموت، هيهات بعد اللّتيا