فذهب الشيعيّ حتى عرض الرقعة على المأمون وسأله تقليده ذلك العمل، فقال له: من كتب لك هذه الرّقعة؟ قال: شيخ من الكتّاب يحضر الدار كلّ يوم، قال: هلمّه، فلما أدخل قال له المأمون: ما هذا يا جاهل قد بلغ بك الفراغ إلى مثل هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين أصحابنا هؤلاء ثقات يصلحون لحفظ ما تحصّل استخراجه، وصار في أيديهم، فأما شروط الخراج وحكمه وما يجب تعجيل استخراجه، وما يجب تأخيره، وما يجب تأخيره، وما يجب إطلاقه، وما يجب منعه، وما يجب إيقافه، وما يجب الاحتساب به فلا يعرفونه، وتقليدهم يعود بذهاب المال، فإن كنت يا أمير المؤمنين لا تثق بنا فمر بأن نضمّ إلى كلّ رجل منهم رجلا منّا ليكون الشيعي لحفظ المال ونحن لجمعه، فرضي المأمون كلامه، وأمر بتقليد عمال السواد وكتابه، وأن يضمّ إلى كلّ واحد منهم واحد من الشيعة، وضمّ مخلد إلى ذلك الشيخ وقلّده ناحية جليلة.

[1182]- قيل كان محمد الأمين يلاعب الفضل بن الربيع بالنرد ورهنا خواتيمهما على القمر، فقمر محمد الفضل فصار خاتمه في يده، وكان نقشه، «الفضل بن الربيع» ونهض ليبول وهو معه، فدعا بنقّاش فكتب تحت النقش في الفصّ «ينكح» ، ثم عاد إلى مجلسه وأحضر الفضل فكاك الخاتم فدفعه إليه، فلما كان بعد عشرة أيام دعا بالفضل وعاود ملاعبته، وأخذ الخاتم منه فتأمله وسأله عن نقشه فقال: اسمي واسم أبي، فقال له: أرى عليه شيئا سوى ذلك، ودفع الخاتم إلى الفضل فتأمله فلما رأى ما أحدث في نقشه لم يتمالك أن قال: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ

(الرعد:

11) هذا خاتم وزيرك يختم به إلى جميع الآفاق منذ عشرة أيام، ومن كاتبه أخوك الذي يظهر أنك لست موضعا للخلافة ويجمع خلعك، والله ما بقّيت من هتك نفسك عند اوليائك والمنافقين لك والمصرّحين ببغضك شيئا إلا وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015