من الدين والدنيا دفع لنا على الكفاية، ولو كان الأمر كذلك لسقطت البلوى والمحنة، وذهبت المسابقة والمنافسة ولم يكن تفاضل، وليس على هذا بنى الله تعالى الدنيا، قال: أشهد أن لا إله إلا الله واحد لا ندّ له ولا ولد، وأنّ المسيح عبده، وأنّ محمدا صادق، وأنك أمير المؤمنين حقا. فالتفت المأمون إلى أصحابه وقال: فروا عليه عرضه ولا تبرّوه في يومه هذا، ريثما يعتق إسلامه كي لا يقول عدوّه إنه أسلم رغبة، ولا تنسوا بعد نصيبكم من برّه وتأنيسه ونصرته والعائدة عليه.

[1090]- وناظر المأمون يوما محمد بن القاسم النوشجاني، فجعل يصدّقه ويغضي له، فقال له المأمون: تنقاد إلى ما تظنّ أنه يسرني قبل وجوب الحجة عليك، ولو شئت أن أقيس الأمور بفضل بيان وطول لسان وأبهة الخلافة وسطوة الرئاسة لصدّقت وإن كنت كاذبا، وصوّبت وإن كنت مخطئا، وعدّلت وإن كنت جائرا، ولكنّي لا أرضى إلا بإزالة الشبهة وغلبة الحجّة، وإن شرّ الملوك عقلا وأسخفهم رأيا من رضي بقولهم: صدق الأمير.

[1091]- وكان المأمون يقول: إذا وضحت الحجة ثقل عليّ استماع المنازعة فيها.

[1092]- وقال أحمد بن أبي دواد، قال المأمون: لا يستطيع الناس أن ينصفوا الملوك من وزرائهم، ولا يستطيعون أن ينظروا بالعدل بين ملوكهم وحماتهم وكفاتهم، وبين صنائعهم وبطانتهم، وذلك أنهم يرون ظاهر حرمة وحماتهم وكفاتهم، وبين صنائعهم وبطانتهم، وذلك أنهم يرون ظاهر حرمة وخدمة واجتهاد ونصيحة، ويرون إيقاع الملوك بهم ظاهرا، حتى لا يزال الرجل يقول: ما أوقع به إلا رغبة في ماله أو رغبة في بعض ما لا تجود النفس به،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015