لم ينسنيك سرور لا ولا حزن ... وكيف لا كيف ينسى وجهك الحسن
قالت: فما سمعت مثل ما سمعت منهما قطّ، وأعلم أني لا أسمع مثله أبدا.
«81» - قال محمد بن جعفر بن يحيى بن خالد: سمعت أبي جعفرا وأنا صغير يحدّث يحيى بن خالد جدّي في بعض ما كان يخبره به من خلواته مع هارون الرشيد قال: يا أبت، أخذ بيدي أمير المؤمنين وأقبل في حجر يخترقها حتى انتهى إلى حجرة مغلقة، ففتحها بيده ودخلنا جميعا، وأغلقها من داخل بيده، ثم صرنا إلى رواق ففتحه، وفي صدره مجلس مغلق، فقعد على باب المجلس، فنقر الباب بيده نقرات، فسمعنا حسّا، ثم أعاد النّقر ثانية فسمعنا صوت عود، ثم أعاد النّقر ثالثة، فغنّت جارية ما ظننت والله أن الله عزّ وجلّ خلق مثلها في حسن الغناء وجودة الضرّب. فقال لها أمير المؤمنين بعد أن غنّت أصواتا: غنّي صوتي، فغنّت: [من الكامل]
ومخنّث شهد الزفاف وقبله ... غنّى الجواري [حاسرا] ومنقّبا
لبس الدّلال وقام ينقر دفّه ... نقرا أقرّ به العيون فأطربا
إنّ الجوار رأينه فعشقنه ... فشكون شدّة ما بهنّ فأكذبا [1]
قال: فطربت والله طربا هممت والله أن أنطح برأسي الحائط، ثم قال: غنّي:
طال تكذيبي وتصديقي
فغنّت: [من المديد]
طال تكذيبي وتصديقي ... لم أجد عهدا لمخلوق
إنّ ناسا في الهوى غدروا ... ورأوا نقض المواثيق