هيبتك، قال: فأنتم إذا معذورون. ثم أقبل عليهم فلم يزل يغنّيهم طول سفرهم حتى افترقوا.

«61» - وقيل: حضر أبو السائب مجلسا فيه بصبص جارية ابن نفيس، فغنّت: [من المنسرح]

قلبي حبيس عليك موقوف ... والعين عبرى والدّمع مذروف

والنّفس في حسرة بغصّتها ... قد سفّ أرجاءها التساويف

إن كنت بالحسن قد وصفت لنا ... فإنّني بالهوى لموصوف

يا حسرتا حسرة أموت بها ... إن لم يكن لي لديك معروف

قال: فطرب أبو السائب ونعر وقال: لا عرف الله قدر من لا يعرف لك معروفك!، ثم أخذ قناعها عن رأسها فوضعه على رأسه وجعل يلطم ويبكي ويقول لها: بأبي أنت وأمي! والله إني لأرجو أن تكوني عند الله أفضل من الشهداء لما تولينا من السرور، وجعل يصيح: وجعل يصيح: واغوثاه! يالله ما يلقى العاشقون! «62» - قال ابن أبي مليكة: كان بالمدينة رجل ناسك من أهل العلم والفقه، وكان يغشى عبد الله بن جعفر، فسمع جارية تغنّي: [من البسيط]

بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا

وكانت الجارية مغنّية لبعض النخّاسين، فاستهتر بها الناسك وهام، وترك ما كان عليه حتى مشى إليه عطاء وطاوس فلاماه، فكان جوابه لهما أن تمثّل قول الشاعر: [من البسيط]

يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللوم أم وقعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015