ذلك: يا إبراهيم، لا تمار إسحاق بعدها؛ فإنّ رجلا فهم الخطأ من ثمانين وترا وعشرين حلقا لجدير أن لا تماريه. قال: صدقت يا أمير المؤمنين، وقال المأمون: لله درّك يا أبا محمد. وكنّاني في ذلك اليوم دفعتين.
«42» أ- وكانت لإسحاق نظائر لهذا تنبىء عن حذقه وعلمه بهذا الشّأن وتبريزه على غيره. حدّث إسحاق بن إبراهيم الظاهريّ قال: حدّثتني مخارق مولاتنا قالت: كان لمولاي الذي علّمني الغناء فرّاش روميّ، وكان يغنّي بالرومية صوتا مليح اللّحن، فقال لي مولاي: يا مخارق، خذي هذا اللحن الروميّ فانقليه إلى شعر صوت من أصواتك العربيّة حتى أمتحن به الموصليّ إسحاق فأعلم أين تقع معرفته، ففعلت ذاك.
وصار إليه إسحاق فاحتسبه مولاي فأقام، وبعث إليّ أن أدخلي اللّحن الروميّ في وسط غنائك؛ فغنّيته إيّاه في درج أصوات مرّت قبله، فأصغى إليه إسحاق وجعل يتفهّمه ويقسّمه ويتفقّد أوزانه ومقاطعه ويوقّع بيده، ثم أقبل على مولاي وقال: هذا الصوت روميّ اللحن، فمن أين وقع لك؟ وكان مولاي بعد ذلك يقول: ما رأيت شيئا أعجب من استخراجه لحنا روميّا لا يعرفه ولا العلّة فيه وقد نقل إلى غناء عربيّ وامتزجت نغمته حتى عرفه ولم يخف عليه.
«43» - وروي أنّ المغنّين تناظروا يوما عند الواثق فذكروا الضّرّاب وحذقهم، فقدّم إسحاق زلزلا [1] على ملاحظ، ولملاحظ في ذلك الرئاسة على جميعهم. فقال له الواثق: هذا حيف وتعد منك. فقال إسحاق: يا أمير المؤمنين، اجمع بينهما وامتحنهما، فإنّ الأمر سينكشف لك فيهما. فأمر