فلمّا التقينا بالحجون تنفّست ... تنفّس محزون الفؤاد سقيم

وقالت وما يرقا من الخوف دمعها ... أقاطنها أم أنت غير مقيم

فإنّا غدا تحدى بنا العيس بالضّحى ... وأنت بما نلقاه غير عليم

فقطّع قلبي قولها ثمّ أسبلت ... محاجر عيني دمعها بسجوم

فجعل أبو السائب يتأفف: أعتق ما يملك إن لم تكن فردوسية الطينة، وأنّها بعملها أفضل من آسية امرأة فرعون.

«5» - ويروى أنّ أبا دهبل الجمحيّ قال: كنت وأبو السائب المخزومي عند مغنّية بالمدينة يقال لها الذّلفاء، فغنّتنا بشعر جميل بن معمر: [من الطويل]

لهنّ الوجا لم كنّ عونا على النّوى ... ولا زال منها ظالع وحسير [1]

كأني سقيت السّمّ يوم تحمّلوا ... وجدّ بهم حاد وحان مسير

فقال أبو السائب: يا أبا دهبل، نحن والله على خطر من هذا الغناء، فنسأل الله السلامة، وأن يكفينا كلّ محذور فما آمن أن يهجم بي على أمر يهتكني، قال:

وجعل يبكي.

«6» - قال إسحاق بن يحيى بن طلحة: قدم جرير بن الخطفى المدينة ونحن يومئذ شبّان، فطلب الشعراء فاحتشدنا له ومعنا أشعب، فبينا نحن عنده إذ قام لحاجة وأقمنا لم نبرح، ويجيء الأحوص بن محمد الشاعر من قباء على حمار، فقال: أين هذا؟ قلنا: قد قام لحاجة فما حاجتك إليه؟ قال: أريد والله أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015