1121- قيل: كان رجل من قيس من كنانة يعاقر الشراب، وكانت أمّه لا تكاد تعظه وتقبّح عنده فعله. فشرب ليلة حتى ثمل، فقالت له أمّه: يا بنيّ اتّق الله وقم فصلّ، فألحّت عليه في القول، وزادت في الوعظ، فحلف بالطلاق ألا يصبح حتى يغنّيه سليمان التيميّ فزاد اغتمام أمّه وقلقها؛ وكانت امرأته بنت عمّه، فأشفقت أن تبين منه. ففزع أهله إلى النّهّاس بن قهم، وهو من بني عمّهم، فقال:
يا قوم، أيّ شيء أصنع؟ سليمان يحيي الليل كلّه مصلّيا، فكيف أمضي إليه فأقول له: غنّ، فلما أكثروا عليه مضى فوقف على باب سليمان، فسمع تلاوته القرآن وتلاوة ابنه المعتمر، وهما يتهجّدان. فقرع الباب فخرج إليه المعتمر فقال: ما جاء بك يا أبا الخطّاب في هذا الوقت؟ فقال: ابن عمّ لي جرت عليه يمين فحلف أن لا يغنّيه إلا أبو المعتمر، يعني سليمان التيمي. فدخل المعتمر إليه فأخبره، فخرج سليمان فقصّ عليه النّهاس القصّة من أوّلها إلى آخرها. فأقبل سليمان على الحالف فجعل يعظه ويوبّخه ويضرب له الأمثال، وأطال في ذلك حتى خاف أن يطلع الفجر، فلما كاد الفجر أن يطلع قال له: يا ابن أخي، إنّا سمعناهم يقولون: [من الرمل المجزوء]
ليس للنّرجس عهد ... إنّما العهد للآس
قم فانصرف، ولا تعد.
«1122» - شرب الأخطل مع رفيق له فطرأ عليهما طارىء لا يعرفانه وأطال الجلوس، فوقع ذباب في الباطية، فقال الرجل: يا أبا مالك، الذباب في شرابك، فقال: [من الطويل]
وليس القذى بالعود يسقط في الخمر ... ولا بذباب نزعه أيسر الأمر
ولكن قذاها زائر لا نحبّه ... رمتنا به الغيطان من حيث لا ندري
فقام الرجل وانصرف.