«2» - وجاء في الحديث (1) : «الطّيرة والعيافة والطّرق من الجبت» وجاء فيه أيضا (2) : «الطّيرة شرك وما منّا إلا ويجد ذلك في نفسه، ولكنّ الله تعالى يذهبه بالتوكل» ، وفيه أيضا: «ثلاثة لا ينجو منهن أحد: الظن والطيرة والحسد» .
فإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا تطيّرت فامض ولا تنثن.
والفأل جائز ومستحسن؛ كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يتفاءل، ولما نزل المدينة على كلثوم دعا غلامين له: يا يسار يا سالم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر رحمه الله: سلمت لنا الدار؛ وقال صلّى الله عليه وآله: سمّوا أولادكم أسماء الأنبياء، فأحسن الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها الحارث وهمّام وأقبحها حرب ومرّة.
«3» - وكانت العرب شديدة العناية بالزجر والعيافة، ويرون ذلك حقا ودينا، ولهم فيه مذهب وعادة وسير. وفي هذا الباب من أخبارهم ما يدل على وجه الزجر، وكانوا يتيمنون بالسانح من الطير وغيره وهو ما ولاك ميامنه، ويتشاءمون بالبارح وهو ما ولاك مياسره. ويكرهون الناطح وهو ما يلقاك بجبهته، والكادس ما يجيء من خلفك يقفوك. وكل ما تطير به يسمّى طيرة العراقيب، وفيهم من ليس ذلك من رأيه، ولا يعتمد عليه في انحائه.
قال طرفة: [من الطويل]
إذا ما أردت الأمر فامض لوجهه ... وخل الهوينا جانبا متنائيا
ولا يمنعنك الطير ممّا أردته ... فقد خطّ في الألواح ما كان خافيا
«4» - وكانوا يستقسمون بالأزلام، واحدها زلم وزلم، وهي سهام