ومضى طرفة على وجهه حتى أتى عامل عمرو بن هند، فلما قرأ الكتاب قال: أتدري ما في كتابك؟ قال: لا، قال: فإنه قد كتب إليّ بقتلك، وأنت رجل شريف، وبيني وبينك وبين أهلك إخاء فانج ولا تعلم بمكانك، فإنك إن قرىء كتابك لم أجد بدّا من قتلك، فخرج فلقي شبّانا من عبد قيس، فجعلوا يسقونه الشراب ويقول الشّعر، فقال عامّة شعره هناك، وعلم الناس بمكانه فقدمه وقتله، فأغار رجل من بني مرثد على الجواثر فأخذ نعما فساقها إلى معبد أخي طرفة فذلك قول المتلمّس: [من الكامل]

لن يرحض السوءات عن أحسابكم ... نعم الجواثر أن تساق لمعبد

فلما بلغ عمرو بن هند صنيع المتلمّس قال إنّ حراما عليه حبّ العراق أن يطعم منه حبّة ما عاش، فذلك قوله: [من البسيط]

آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه ... والحبّ يأكله في القرية السّوس

ولحق بالشام فصار في دين الغسانيين.

النّعم: الإبل والبقر والغنم، فإذا انفردت الإبل قيل لها نعم، فإذا انفردت البقر والغنم لم يقل لها نعم.

والإبل: جمع لا واحد له من لفظه، ومثله قوم وغنم ونساء وخيل ومذاكير الرجل، ومحاسن المرأة ومطايب الجزور. واختلفوا في المخاض والأبابيل والعقابيل، وقال أبو عبيدة: المداحيض. وقد وضعوا لكلّ حالة من حالات الإبل صيغة اسم تتميّز به عن الأخرى: فالقلوص من الإبل بمنزلة الجارية من النساء، والبكر من الإبل بمنزلة الفتى من الرجال، وقد يقال للقلوص بكرة، والجمل بمنزلة الرجل، والناقة بمنزلة المرأة، والبعير بمنزلة الإنسان يقع على الجمل والناقة كما يقع الإنسان على الرجل والمرأة.

وخبر المتلمّس مع عمرو بن هند يدلّ على أقواء العرب وجهدها، إذ كانت عقوبة هذا الملك الجبّار لهذا الشاعر المشهور أهم غايتها منعه من حبّ العراق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015