بعد السبعين ماحية، وأنها في الشبيبة كذابة تردّ على عقبها، ويضرب بها وجه صاحبها، وله في ذلك كلام مفيد، وقد أخذت عنه تعليقة إذا فرغ الإنسان منها فقد نبذ كتاب الله ظهرا، وخرج من الدّين ببركته صفرا، ولولا ضيق الصدر والوقت، لطويت هذه السطور على شيء من كلامه لتتدبّر معانيه، وترى حسن تصرفه فيه، ولكن حال الجريض دون القريض، وما أخوفني أن يظنّ هذه الفكاهة إنما هي انفساح الحال، واتّساع المجال، وقوة الأنس، وانبساط النفس. وما هي الا سرور بما تيسّر من مفاوضته، وتسنّى من أسباب مناسمته التي نشرت بها على الهم جناحا، وجعلتها لسدفة فكري مصباحا، وإني إذا سامحني الدهر بمحادثة فضله، وأمكنني من مباثّة مثله، فضضت بنات صدري، ونفضت بها أثقال ظهري: [من الطويل]
ومن لك في الدّنيا بأروع ماجد ... يواسيك في أهوالها أو يشارك
والمرء بأخيه، بعدت داره أم قربت، والمعرفة حرمة بين الأحرار قويت أم ضعفت، فأمّا إذا ضمّهم ذمام الأدب، فهم فيه بنو أب، وما أبعد عهدي بيد للأيام عندي، إلى حين الاجتماع بالأستاذ أبي الفضل، الذي علوت به من السرور مرقبا، وجعلته إلى هذه المفاوضة المؤنسة لي سببا، والله تعالى يمتّعني من القاضي بالفضل الراجح، ويمدّني من دياره بالخبر الصالح، فإن رأى مقابلة ما أصدرته بوجه من القبول ورضى، وخلق بالترحيب مضى، وإتحافي بمبهج أخباره، وإيناسي بسانح أوطاره، فعل، إن شاء الله تعالى.
[750]- من المقامات التي أنشأها أبو محمد القاسم بن علي الحريري:
أخبر الحارث بن همام قال: أزمعت التبريز من تبريز، حين نبت بالذّليل والعزيز، وخلت من المجير والمجيز؛ فبينا أنا في إعداد الأهبة، وارتياد الصّحبة،