من الغصن، وأحلى شكلا من كلّ أنيق حسن، قد جمعت حسن المنظر والمخبر، وتملكت عنان العين والقلب، وإنما استعارت ذكاءك ومضاءك، وسربلت جمالك وبهاءك. إن قابلت الأبصار أعشت، وإن صافحت النفوس أصمت، وإن أرضيت ولت متنا كالدهان، وإن أسخطت اتّقت بناب الأفعوان. وهي كريمة الوداد، أليمة الشماس، أمينة في السلم، مخوفة في الحرب، لا عيب لها غير أنها لا فلول بها، ولا آثار للأقران فيها. وأنّى تقلّها الضرائب، أو تثلمها الكتائب، وكل عضب عندها كهام، وكلّ ماض بالقياس اليها كليل. هيهات هي أصلب من ذاك معجما، وأصمّ منه عودا، وأبقى على القضم والخضم حدّة، وأمضى على الهبر والحطم شدة، لم يكلها كرم النجار إلى صنعة القين، ولم يحوجها عتق الجوهر إلى إمهاء الحجر، ولا يزيدها اختلاف الأيام إلا إرهافا، ولا طول الاستخدام إلا مضاء ونفاذا. فإن رأيت يا سيدي أن تتفضّل بقبولها، وتشرّفها باستخدامها غير حامد لها ما ذكرته من ملائها ولا معتدّ بما وصفته من محاسنها، إذ كان الكهام يمضي بحدك، والعضب يفري بيدك، وتعرّفني وصولها ووقوعها الموقع الذي اعتمدته بها، فعلت، إن شاء الله.
47- وقديما غرّت الهدايا وخدعت: أهدى الجنيد بن عبد الرحمن لأم حكيم بنت يحيى بن الحكم امرأة هشام بن عبد الملك قلادة فيها جوهر، وأهدى لهشام قلادة أخرى فولّاه خراسان، ولم يكن الجنيد في موضع ذلك، وأنفذه إليها وحمله على ثمانية من البريد.