ابن غالب فقال له: يا أبا فراس، إنك شيخ مضر وشاعرها، وأنا ابن أخيك الكميت بن زيد الأسديّ، قال: صدقت أنت ابن أخي فما حاجتك؟ قال:

نفث على لساني فقلت شعرا وأحببت أن أعرضه عليك، فإن كان حسنا أمرتني بإذاعته، وإن كان قبيحا أمرتني بستره، وكنت أولى من ستره عليّ. فقال الفرزدق: أما عقلك فحسن وإني لأرجو أن يكون شعرك على قدر عقلك، فأنشدني ما قلت، فأنشده قوله: [من الطويل]

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب

قال فقال لي: مما تطرب يا ابن أخي؟ فقلت:

ولا لعبا مني وذو الشوق يلعب

قال: بلى، فالعب يا ابن أخي فإنك في أوان اللعب، فقال:

ولم تلهني دار ولا رسم منزل ... ولم يتطرّفني بنان مخضّب

فقال: ما يطربك يا ابن أخي، فقال:

ولا السانحات البارحات عشيّة ... أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب

قال: أجل فلا تتطيّر، فقال:

ولكن إلى أهل الفضائل والتقى ... وخير بني حوّاء والخير يطلب

قال: ومن هؤلاء ويحك؟ فقال:

إلى النفر البيض الذين بحبّهم ... إلى الله في ما نابني أتقرّب

فقال: أرحني ويحك، من هؤلاء؟ فقال:

بني هاشم رهط النبيّ فإنني ... لهم وبهم أرضى مرارا وأغضب

خفضت لهم مني جناحي مودّة ... إلى كنف عطفاه أهل ومرحب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015