الناس، فقام عطارد فقال: الحمد لله الذي له الفضل علينا، وهو أهله، الذي جعلنا ملوكا، وجعلنا أعزّ أهل الشرق، وآتانا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف، وليس في الناس مثلنا. ألسنا رؤوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، ولو نشاء لأكثرنا، ولكنا نستحي من الاكثار فيما خوّلنا الله وأعطانا، أقول هذا فأتوا بقول أفضل من قولنا، وأمر أبين من أمرنا ثم جلس.
فقام ثابت بن قيس بن شماس فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض من خلقه، قضى فيهنّ أمره، ووسع كرسيّه علمه، ولم يقض شيئا إلا من فضله وقدرته، وكان من قدرته أن اصطفى من خلقه رسولا أكرمهم حسبا، وأصدقهم حديثا، وأحسنهم رأيا، فأنزل الله عليه كتابه وأئتمنه على خلقه، وكان خيرة الله من العالمين. ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الايمان فأجابه من قومه وذوي رحمه المهاجرون أكرم الناس أنسابا، وأصبح الناس وجوها، وأفضل الناس أفعالا. ثم كان أول من اتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من العرب واستجاب له نحن معاشر الأنصار. فنحن أنصار الله ووزراء رسول الله صلّى الله عليه وسلم نقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن آمن بالله ورسوله منع منّا ماله ودمه، ومن كفر بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلم جاهدناه في الله وكان جهاده علينا يسيرا. أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات.
فقام الزبرقان فقال: [من البسيط]
نحن الملوك [1] فلا حيّ يقاربنا ... منّا الملوك وفينا توجد الرفع [2]
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الملوك على أمثالها قرعوا [3]
كم قد قسرنا من الأحياء كلّهم ... عند النهاب وفضل العزّ يتّبع