وكانوا أخواله، وخالد بن صفوان بن الأهتم، فخاضوا في الحديث، وتذاكروا مضر واليمن، فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، إن اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا، وكانت لهم البدأة [1] ولم يزالوا ملوكا وأربابا، ورثوا الملك كابرا عن كابر وآخرا عن أوّل، منهم النعمانات والمنذرات والقابوسات، ومنهم عياض صاحب السحر، ومنهم من حمت لحمه الدّبر، ومنهم غسيل الملائكة، ومنهم من اهتز لموته العرش، ومنهم من يأخذ كلّ سفينة غصبا، وليس من شيء له خطر إلّا إليهم ينسب، من كلّ فرس رائع، وسيف قاطع، أو درع حصينة، أو مجنّ واق، أو حلّة مصونة أو درّة مكنونة، إن سئلوا أعطوا، وان نزل بهم ضيف قروا، لا يبلغهم مكاثر، ولا يطاولهم مفاخر. هم العرب العاربة وغيرهم المستعربة. فقال أبو العباس: ما أظنّ أن التميمي يرضى بقولك، ثم قال: ما تقول أنت يا خالد؟ قال: إن أذنت لي في الكلام وأمّنتني من المؤاخذة [2] تكلّمت.
قال. تكلّم ولا تهب أحدا. فقال: أخطأ المتقحم بغير علم، ونطق بغير صواب. وكيف يكون ذلك لقوم ليس لهم ألسن فصيحة، ولا لغة صحيحة نزل بها كتاب ولا جاءت بها سنّة؛ وانهم منّا على منزلتين إن جاوزوا حكمنا قتلوا، وإن حادوا عن قصدنا أكلوا: يفخرون علينا بالنعمانات والمنذرات والقابوسات ونفخر عليهم بخير الأنام، وأكرم الكرام، محمد عليه الصلاة والسلام، ولله المنة به علينا وعليهم، لقد كانوا أتباعه: به عرفوا [3] ، وله أكرموا. فمنا النبيّ المصطفى، ومنّا الخليفة المرتضى، ولنا البيت المعمور، وزمزم والحطيم والمقام، والحجابة والبطحاء وما لا يحصى من المآثر، وليس يعدل بنا عادل، ولا يبلغنا قول قائل، ومنّا الصديق والفاروق وذو النورين والوصيّ والوليّ وأسد الله وسيد الشهداء وذو الجناحين وسيف الله، وبنا عرفوا الدين، وأتاهم اليقين، فمن