وكذلكَ لو قالَ: "إذا متُّ ومضى شهرٌ فأنتَ حرٌّ"، فليسَ بتدبيرٍ، بل هو تعليقُ عتقٍ بصفةٍ على الأصحِّ المنصوصِ فيهما، وقولهُ: "إن شئتَ فأنت مدبرٌ". صريحٌ في تعليقِ التدبيرِ على مشيئةِ العبدِ.
وأمَّا قولُهُ: "أنتَ حرٌّ بعدَ موتِي إن شئتَ". فيحتملُ: إن شئتَ بعدَ موتِ الحريَّةَ، ويحتملُ: إن شئتَ الآنَ التدبيرَ، فلم يتعيَّنْ لتعلُّقِ التدبيرِ بالمشيئةِ، فيراجَع ويعمل بمقتضى نيَّته، فإن لم ينو شيئًا فالأصحُّ حملُهُ على المشيئةِ بعدَ الموتِ.
فإنْ قالَ: "متَى شئتَ" فللتراخِي في الصورتينِ المذكورتينِ، ويكونُ في الأولَى تدبيرًا معلَّقًا، ويكونُ في الثانيةِ تعليقًا محضًا.
وإن قالا لعبدِهما: "إذا مِتنا فأنتَ حرٌّ"، فإنْ ماتَا معًا حصلَ العتقُ بحصولِ الصفةِ، ولا تدبيرَ، وإنْ ماتَا مرتَّبًا فالصحيحُ في "الروضَة" تبعًا للشرحِ؛ أنَّه إذا ماتَ أحدُهما صارَ نصيبُ الثاني مدبرًا على المذهبِ، ولو ارتدَّ المدبرُ لم يبطلْ أيضًا, ولا يمنع الكافر من حملِ مدبرِه ومستولدتِهِ الكافرينِ إلى دارِ الحربِ، سواءٌ جرَى التدبيرُ في دارِ الإِسلامِ أو دارِ الحربِ، وليس له حملُ مكاتبِهِ الكافر قهرًا لظهورِ استقلالِهِ، ولو كانَ لكافرٍ عبدٌ مسلمٌ فدبَّرَه أجبر على إزالَةِ ملكهِ ببيعٍ أو إعتاقٍ، فإن كاتبَهُ اكتفينا بذلكَ، وإن امتنَع من ذلك كله باعَهُ الحاكمُ عليه.
ولو زالَ ملك السيدِ عنِ المدبَّرِ ثم ملكَه لم يعدِ التدبيرُ على المذهبِ، ولو رجعَ عنهُ بقولٍ كـ "أبطلتُهُ"، أو: "فسختُهُ" أو: "نقضتُهُ" أو: "رجعتُ فيه". صحَّ إنْ قُلنا أنَّه وصيةٌ فيها سائبة التعليق، وهو المنصوصُ عليه في مواضعَ كثيرةٍ.