لكن هذا شيءٌ انفردَ به "الحاوِي الصَّغيرُ" (?) وهو وهمٌ، وليسَ هذا بتدبيرٍ، فامتنع التصويرُ.

والتدبيرُ المطلقُ لا نزاعَ فيه (?)، كقولِهِ: إذَا متُّ فأنتَ حرٌّ أو مدبرٌ (?)، أو أنتَ مدبر، أو دبَّرتُك، وهو صريحٌ على النصِّ المعمولِ به، بخلافِ ما إذا قالَ لمن يريدُ كتابتَه من أرقائه: كاتبتُك. فلا يكون صريحًا لاحتمالِ كتابة الخراجِ الذي لا عتقَ بعدَهُ، وأما الكتابَةُ فيصحُّ بها التدبيرُ مع النيَّةِ، كقولِهِ: إذا متُّ فأنتَ حرامٌ، أو مالك نفسَكَ، ونحو ذلك من الألفاظِ المحتملةِ (?).

والمرادُ بالنيَّةِ هنا -كما قال الماورديُّ-: أن يريدَ بهذه الألفاظِ العتقَ، فإن أَرادَ بها العتقَ صارَ مدبرًا، وإلَّا فلا.

وإذا قالَ لعبدِهِ: "إذا متُّ في ذا الشهرِ أو المرضِ فأنتَ حرٌّ"، لم يكُنْ تدبيرًا مقيَّدًا على النصِّ، ولو ماتَ من غيرِ مرضِهِ ذلكَ لم يكنْ حُرًّا، وإن ماتَ من مرضِهِ أو في ذلكَ الشهرِ كان حرًّا, ولكنه وصيةٌ، وليسَ بتدبيرٍ، وعلى هذا فحقيقةُ التدبيرِ تعليقُ العتقِ بالموتِ المطلقِ.

ويجوزُ معلَّقًا (?) كقولِهِ: "إن دخلتَ الدَّارَ فأنتَ حرٌّ بعدَ موتِي"، ويصيرُ مدبرًا بعدَ التعليقِ قبلَ الدُّخولِ، ولو قالَ: "إن متُّ ثم دخلتَ الدَّارَ، فأنت حرٌّ" لم يكن تدبيرًا، وإنما هذا تعليقُ عتقٍ بصفةٍ، فيشترطُ دخولُهُ بعدَ الموتِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015