د) بلدية المُعدّلين: أي أن يكون من أهل بلد الراوي الذي تُكلّم فيه، فلو كان هناك راوٍ بصري، وعدّله البصريون، وجرحه عالمٌ من أهل خراسان، فيقدم من كان من أهل بلده وهم البصريون؛ لأنهم أعرف بأهل بلدهم. وكان من آداب الرحلة عند المحدثين، أن المحدث لا يرحل حتى يستوفي ويستوعب حديث بلده، ويكون عارفاً به.

هـ) قوة عبارة المُعدّلين على عبارة الجارحين، فلو جاءت عبارة تعديلٍ كقوله:"ثقة حجة" أمام عبارة جرح كقوله "أحسبه ليناً"، فعبارة الجرح تضعف عن عبارة التعديل التي هي الأقوى، فلا شك أننا نقدم العبارة القوية على الضعيفة.

و) هناك ألفاظ قد يتبادر إلى الذهن أنها جرح، وهي في الحقيقة تعديل، مثل ما قال شعبة عن أحد الرواة:"إنه شيطان"، فظاهر العبارة أنها ذم، مع ذلك فقد أراد شعبة أنه باقعة في الحفظ، وشئ عجيب فيه، حتى لكأنه ليس بأنسي في قوة حافظته، ومن المعروف أن من عادة العرب أنهم ينسبون الأشياء المستغربة إلى الجن. كذا ما قاله ابن وارة عن عبد الرحمن بن مهدي، لما رأى قوة حفظه، قال:" ماذا خرج من ظهر مهدي، كأنه جني ".

وهناك عبارات على الضد مما سبق، فقد يدل ظاهرها على التعديل، والصواب: أنها جرحٌ، كعبارة:"هو على يديْ عدل "، فهمها العراقي على أنها تعديل، ومعناها: أنه على يدِيْ عدلٌ، وتعقبه الحافظ ابن حجر وبيّن أنها عبارة جرح، وضبطها:"هو على يدَي عدلٍ"، و"عدل" هذا رجل كان من حُجاب أحد الحكام الظلمة في اليمن، وكان كلما أراد أن يقتل إنساناً، قال: يا عدل -ينادي حاجبه- تعال خذ هذا واقتله. حتى صار ذلك مثلاً عند العرب، فإذا قيل: فلان على يدي عدل، يعني: أنه هالك، فيقصد بها إذا أطلقت على الراوي أنه هالك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015