فيجب التنبه إلى تطور المصطلح، وعلى أيّ مصطلح كان الأئمة يتكلمون؛ لكي لا تحمل كلامهم على غير محمله الصحيح.

أمرٌ آخر قد يدل على معاني المصطلحات وألفاظ الجرح والتعديل وهو السياق، أي سياق العبارة، ومن هنا نتنبه إلى ضرورة الرجوع إلى الكتب الأصلية، التي ساقت ألفاظ الجرح والتعديل، فلا يصح أن نكتفي بـ (تهذيب التهذيب) فقط؛ لأن الحافظ ابن حجر يذكر العبارة الخاصة بالراوي فقط، مع أنك لو رجعت إلى الكتاب الأصلي، قد تجده ذكر هذه العبارة في سياقٍ معيّن يدلُّ على مُراد الإمام، كما لو قُرِنَ الراوي خفيف الضعف براوٍ كذاب، فسئل عنهما الإمام، فيقول: فلان صالح، ليس كفلان الكذاب. وهو لا يقصد بـ"صالح" أنه يُحسّنُ حديثه، لكن لما قُرِنَ بالكذاب، رأى أنه من الظلم أن يُقرن بينهما، وكأنهما في مرتبة واحدة، وأن الواجب التفريق بين هذين الراويين، فيأتي الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) فيقول:"قال يحيى بن معين: فلان صالح". فإذا رجعت إلى الكتاب الأصلي وجدت أن ابن معين ذكر هذا في سياق معيّن.وهناك سياق آخر، ويحصل كثيراً في مثل كتاب (تاريخ عثمان ابن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين) ، حيث ذكر في مقدمة الكتاب طبقات الرواة عن شيّخ معيّن، فيسأله عن أوثق الرواة عن شعبة، فيقول: أوثقهم فلان وفلان وفلان، فيقول: ثمَّ من؟ ، فيقول: ثم فلان وفلان، ثم يسأله عنهم، فيقول: فلان ثقة وفلان ضعيف، وهو من عبارته توثيق الراوي في هذا الشيخ، وتضعيفه في هذا الشيخ، أي أنه في روايته عن شعبة ضعيف. ثم يأتون في كتب المصطلح أو بعض كتب التراجم فيقولون:"قال يحيى بن معين: ضعيف"، وكأنه أطلق العبارة مع أنه ذكرها في سياق مراتب الرواة في هذا الشيخ المعيّن، فهذا يدل على أهمية الرجوع إلى الكتب الأصلية في الجرح والتعديل، ولا يُكتفى بالفرعية ما أمكن ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015