وكان عرضه لهذه الأسباب موجزاً، ولم يذكر لكثير منها أمثلة، بل اكتفى بالتعداد، وما مثل له اكتفى بمثال أو مثالين، مع العرض الموجز.

وممن تكلم عن أسباب الاختلاف في هذه الفترة تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي (ت 771هـ) في كتابه (الأشباه والنظائر). فبين المآخذ المختلف فيها بين الأئمة مما ينبني عيها فروع فقهية، وقدم لذلك ببيان أن الخلاف إما في مسائل مستقلة، أو في فروع مبنية على أصول، وأن القسم الأول، أي الخلاف في المسائل المستقلة ينشأ من أمور، منها:

1 - كون اللفظ مشتركاً (كالقرء) فإنه عند الشافعي الطهر وعند أبي حنيفة الحيض، وكلمة (أو) في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ} (المائدة /33) فحملها مالك على التخيير، فيفعل السلطان ما يراه في هذه الأمور، وقال الشافعي وأبو حنيفة للتفصيل والتقسيم، فمن حارب وقتل وأخذ المال صلب وقتل، ومن قتل ولم يأخذ قتل، ومن أخذ ولم يقتل قطع ...

2 - الاختلاف في محل النفي، هل هو لنفي الحقيقة أو لنفي الكمال؟ نحو: (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل) (?)، حمله الشافعية على الصحة والحقيقة، وقال الحنفية إنه لنفي الكمال، أي لا صيام كامل؛ ونحو ذلك: لا نكاح إلا بولي.

3 - الخلاف الناشئ عن دعوى ارتباط إحدى الآيتين بالأخرى.

4 - الغفلة عن أحد الدليلين المتقابلين – ولو بالعموم والخصوص – فينسحب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015