المطلب الخامس
الحديث الصحيح
ورد عن طائفة كبيرة من السلف والأئمة أقوال تفيد أنه إذا صح الحديث فهو مذهبهم وهذه القوال وردت عنهم منذ عهد الصحابة وإلى يومنا هذا. وقد نقل هذا عن أبي حنيفة وأصحابه (?)، وصح عن الشافعي أنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي، أو ما في هذا المعنى (?)، كما نقل عن غيره من العلماء (?).
ولا إشكال فيما لو كان للإمام رأي موافق للحديث، لأن نسبة الرأي إليه لا يعتريها شك، لا للحديث، ولكن لما أفتى به الإمام نفسه. لكن التساؤل يتضح في حالتين:
الحالة الأولى: أن لا يكون للإمام رأي في المسألة.
والحالة الثانية: أن يكون له رأي مخالف للحديث.
أما الحالة الأولى فإن الظاهر وما هو مقتضى الأدلة، وجوب العمل بالحديث، وهذا ما صرح به تقي الدين السبكي (?) لكن نسبة ذلك إلى الإمام، والقول بأن مذهبه كذا، فيه نوع من المجازفة، لعدم جزمنا بأن الإمام لم يطلع على الحديث، فلعله اطلع عليه، ولم يأخذ به لاعتبارات يعلمها.