امتناعه، فليس بشرط في التكليف بالاتفاق علم المكلف به. إذ لو كان كذلك، لما تصورت معصية ممن يجهل الحكم، ولم يكن الكفار عصاة بتكذيب الشرائع واعتقاد نفي النبوات. وفي قواطع السمع ما يدل على خلاف ذلك والشرائع مستقرة ببعثة الأنبياء، وتأييدهم بالمعجزات، وحصول العقول، والتمكن من الاستدلال.
وقوله: لا أنظر حتى أعلم [وجوب] النظر، ولا أعلم وجوب النظر حتى أنظر، كلام صحيح، ولكن لا تتوجه له به حجة، إذ لا حجة للخلق بعد إرسال الرسل. ويحمل ذلك من المدعو على الجدال والعناد.
ومثاله: ما لو قال الأب لولده: التفت فإن رواءك سبعا عاديا يهجم عليك. فيقول: لا ألتفت حتى أعلم وجوب الالتفات، ولا أعلم وجوب الالتفات ما لم أعلم السبع، ولا أعلم السبع حتى ألتفت. فيقال له: لا جرم تهلك وأنت غير معذور.