وأما مالك رحمه الله، فقد سلك بالمعاوضات في الاستثناء من غر الجنس مسلكا آخر، فقال: إذا قال الرجل: بعتك هذه السلعة بدينار إلا قفيز حنطة، كان القفيز مبيعا من السلعة. وهذا عجيب، فلم يلغ الاستثناء [بخروجه] عن الجنس، كما قال أبو حنيفة، ولم يجعله منقصًا، ردًا إلى التأويل الذي ذكره الشافعي، ولكنه في التحقيق راجع إلى قول الشافعي، [ولكنه] زاد زيادة من وجه آخر.
[وبيان] رجوعه إلى طريق الشافعي: أنه يقول: لما قال: (بدينار إلا قفيز حنطة) وأورد لفظة الاستثناء على الدينار، اقتضى ذلك تنقيصًا من جهة مقصد المتكلم، [فإنه] لم يجعل الدينار بكماله ثمنًا للسلعة، وأبقى منه مقدرًا يقابل القفيز، [فكأنه] قال: ذلك البعض من الدينار يجعل عوضًا للقفيز. فمن هذه الجهة يكونان مبيعين. وإنما فعل ذلك، لأنه [لو] استثنى