شيئا لوجب، وإن لم يتوعد بالعقاب على تركه.
وقد رجع الإمام إلى هذا فيما بعد، وذلك أنه لما تكلم على حد الواجب قال في حد قوم: قالوا: الواجب هو الذي توعد بالعقاب على تركه، هو فاسد، فإنه لو توعد، لوجب تحقيق الوعيد، فإن كلام الله - عز وجل - مستحيل أن يكون فيه الخلف، ويتصور أن يعفو ولا يعاقب. فقد اعترف الإمام أن الواجب لا يتوقف على الوعيد، وذلك الكلام صحيح. فإن أراد الإمام في هذا المكان أن الوجوب لا يعقل إلا بنوع من الترجيح، إما ذما أو غيره، فهذا موضع يجب التثبت فيه.
فاعلم أن الوجوب هو قسم من أقسام الحكم، وله نسبة خاصة إلى المكلفين، على ما مر في بيان معنى الحكم. وهذه النسبة تثبت وإن لم تقترن بوعيد ولا عقاب. فلا يكون اقتران الوعيد من نفس الحكم، ولا يجب اقترانه به اقترانا عقليا، وسنبين في مسألة الواجب الموسع تحقق الوجوب في أول الوقت، وسقوط الذم والعقاب والوعيد [عمن] مات في وسط الوقت.